تقارير مصورة
جمالية حديقة الحبول من أولويات مدينة مكناس
مكناس أم المدائن المغربية هي الحقيقة القاطعة التي نعتز بها ويتقاطع كل ساكنة المدينة بإعلانها بالحب والوفاء ، فموقعها الجغرافي ضمن هضبة سايس ونبع وادي بوفكران جعلها تستوطن جوهرة عرش المدن المغربية في الوسط الشمالي ضمن المخطط الأكبر للمغرب الأخضر .
ثورة العمران بالمدينة نتيجة ضغط النمو الديموغرافي وتدفقات الهجرات الداخلية إليها .فرض على القيمين الجماعيين والولائيين إحاطة المدينة بخطط تضمن المتنفس البيئي/الطبيعي للساكنة.
العناية بالوسط البيئي بالمدينة جعل من أقدم حديقة بالمدينة بالمواصفات العالمية تحتل موقع الصدارة ضمن المخطط البيئي للمدينة وتنال الحظوة الكبرى من طرف المجتمع المدني والسياسي . فموقع حديقة الحبول الاستراتيجي جعلها منذ النشأة الأولى بتاريخ 1920 تعتلي موقع الريادة البيئية بالمدينة ولازال زئير أسد الأطلس بها يرن سماعه عند أجدادنا ،حيث تموضعها يحتل قلب المدينة النابض بين المآثر العمرانية للمدينة القديمة/ التقليدية ، وبين الرؤية البارونامية للمدينة الحديثة (حمرية) المطلة عليها .
المساحة الإجمالية للحديقة تناهز خمسة هكتارات ،ثلثيها تكتسيه الأشجار والغراس ،وكلها موزعة بشكل يجعل من عين الزائر تعلو علوا مع الأشجار الشاهقة وتتلون بألوان الاغراس المتنوعة المرصوصة بين الهندسة المغربية الأندلسية والمسحة الأوروبية الحديثة .ومع كل هذا تم استحضار الفرجة داخل حديقة الحبول من خلال إنشاء مسرح الهواء الطلق بطاقة استيعابية تصل إلى ألف متفرج ، وهندسته مستنسخة من مسارح الرومان القديمة .
وحتى يتمكن المجلس الجماعي من سد الخصاص بمكناس في مجال استصلاح الحدائق وتتبع رعايتها فقد تم التعاقد مع شركة متخصصة في مجال البستنة والبيئة ،إلا أن حديقة الحبول لمرجعيتها التاريخية وبعدها الجمالي وعشق الساكنة لها دفع بالمدبرين الجماعيين اعتبار الإشراف المباشر عليها شأنا جماعيا لا محيد عنه .
وفي زيارة لنا لحديقة الحبول للوقوف على الإصلاحات والهيكلة الفنية التي أقرها المجلس الجماعي ، التقينا المدير المحافظ لحديقة الحبول السيد محمد بن عكي والذي رحب بوجودنا ورافقتا في جولة استطلاعية نقطة بنقطة رغم أننا نخبر أجزاء حديقة الحبول منذ وعينا الطفولي بها ،إلا أننا أحسسنا بالماضي الطفولي الذي ما انفك يمضي للحديقة والحاضر الذي ما فتئ يجيء لها بالتجديد والتأهيل الجمالي البيئي الاستشرافي .
أول ما صرح به السيد محمد بن عكي لنا هو العناية التي احتلتها حديقة الحبول ضمن مقررات المجلس الجماعي وبإجماع كل أعضائه وعلى رأسهم السيد أحمد هلال رئيس الجماعة الحضرية لمكناس ،والذي يواكب كل الإصلاحات بالتتبع والمصاحبة الميدانية .
فيما أكد أن الخطة الإستراتيجية لضمان الأبواب المفتوحة لحديقة الحبول لروادها ،ارتأت رئاسة المجلس الجماعي تحديث شبكة الري بالحديقة من خلال بئر مزود بأحدث تقنيات الري مع استحضار مساحة الحديقة (5هكتارات ) وسنوات الجفاف التي تعرفها المدينة ،فضلا عن التدبير العقلاني للماء .
أما جناح حديقة الحيوانات فقد عرف هو الآخر مجموعة من الإضافات البنائية والترميمات ،فضلا عن تزويده بمجموعة من الحيوانات (الكونكرو ولبي من أصول استرالية / وأنواع أخرى من الطيور ...).
ولنقل حديقة الحبول إلى امتلاك المواصفات العالمية للحدائق فقد تم العمل على هيكلة الحديقة لتستجيب لحاجيات المواطن المكناسي والزوار.حيث همت العملية مسرح الهواء الطلق من خلال ترميمات أساسية لجنباته ومدرجاته ،وكذلك إعادة تشغيل المرافق الصحية بشكل أنيق ،وتشغيل نافورة الحديقة بعد استصلاح أركانها والساقية الممتدة منها ،انها حديقة الحبول تتزين ،واستحسان تجديدها عبرت عنه الآراء المستقاة من زوارها . بتصريحهم أن الأهم تحقق للحديقة بالهيكلة ،وأمن الزائر موفور بها بفريق حراسة يفوق العشرة ...
تركنا السيد محمد عكي محافظ الحديقة شاكرين له إخلاصه التام للحديقة وأمانته وسهره على جمالية المكان ،وآثرنا الوقوف بعين المكان عن الطفرة النوعية لهيكلة حديقة الحبول ، هنا وقفنا بصدق على جمالية التوجه نحو اعتبار حديقة الحبول من عجائب مدينة مكناس التراثية .الأبواب أصلحت والسياج متناسق ،والطريق المؤدية للحديقة ازدادت جمالا بالهيكلة التي خضعت لها .
الأهم تحقق برعاية المجلس الجماعي للمدينة المباشر للحديقة ، ولكن لاحظنا مدى اكتظاظ الطريق المؤدية للبوابة بالسيارات ،فضلا عن انعدام مواقف السيارات لذا من خلال مقالنا هذا نقرح فتح بوابة الحديقة الجنوبية الموالية لموقف السيارات المهيكل ، مع تحديث المقهى وجعلها تحتل موضع "المقهى الثقافي /الفني " وإرفاقها بفضاء ترفيهي يهم الأطفال . وعندما تجاذبنا اطراف الحديث مع عضو من المجلس الجماعي فقد أسر إلينا أن رئاسة المجلس تشتغل على دفتر تحملات جديد يهم إنشاء "كشك بيئي" يضم أهم الأجوبة الشافية للزائرين حول مسار الجولان بالحديقة ،ومطويات تعرف بالوضعية البيئة بمدينة مكناس وكيفية المحافظة عليها .
خرجنا من الحديقة والرضا من عملية تحديثها والمحافظة عليها تعلو عيوننا باخضرار اشجارها ،فألف شكر موصول لكل من ساهم على إحياء معلمة من معالم مكناسة الزيتون المدينة الإسماعيلية أم المدائن المغربية .
محسن الأكرمين